ماذا تعرف عن “قوانين التفوّق”؟
كانت الفكرة في البداية أن يكون عنوان هذه السلسة “قوانين النجاح”!
وكنت قد حضرّت المقدمة، وما إن قررت القيام بمراجعتها قبل النشر! حتى رن جرس الباب، كانت صديقة عزيزة جداً على قلبي، واقفة أمامي مباشرة وبصحبتها إبنتها الوحيدة “رَغَد” !
صبية لم تبلغ العشرين من عمرها بعد! ” نجحت ” في الثانوية العامة وجاءت تخبرني بأنها “تحب” عدة إختصاصات ولكنها لم تقرر بعد الإختصاص المناسب لها! وهي لغاية اليوم لم تقرر ما هي الكلية التي ستنتسب إليها!
وسألتني عن رأيي!!!
نظرتُ إليها دون أن أنطق بحرف ! بل طلبتُ منها قراءة المقدمة التي كنت أكتبها:
“قوانين النجاح، هي مفاهيم، أسس، ركائز، ومبادىء… تتسع وتطال كل مجالات الحياة، لأنه ما من إنسان “طبيعي” إلا ويتوق للنجاح!
ولكني اليوم سأختار “فئة” معينة بذاتها كي تقوم بتطبيق هذه السلسلة ألا وهي “فئة الطلاب”!
لأنهم جيل المستقبل”!
ونحن اليوم بأمس الحاجة لجيل … واعد! يصنع لنا المستقبل الواعد!”.
قرأت رغد هذه الأسطر بتأنٍ ملحوظ!
ودار بيننا حوار طويل ، حدثتها عن النقاط التي أود تسليط الضوء عليها!
تحمست كثيراً للموضوع! وقالت لي بالحرف الواحد:
لماذا لا (يدرسوننا) مثل هذه المواضيع في المدرسة؟ منذ المرحلة الإبتدائية وحتى التخرج من الجامعة؟
أجبتها ، بالفعل! هذه النقطة بالذات كانت سبب رئيسي لطرح هذا الموضوع!
سبحان الله! هل كانت زيارة “رغد” رسالة موجهة لي ؟
أو كانت “إشارة” لها كي تدرك كيف تختار التخصص الجامعي الذي يناسبها؟
الجواب بالطبع ، الزيارة كانت (بكل المقاييس) هامة لكلا الطرفين!
وما “حفزني” أكثر، هو طبيعة الأسئلة التي طرحتها “رغد” والتي لم أعطها الإجابة كاملة عنها!!! لماذا؟
لأنني أردت منها قراءة الموضوع هنا بالجريده
بعد الحوار الذي دار بيني وبين “رغد” قررت تغيير الإسم الى “قوانين التفوّق” لتسليط الضوء على مسائل وجدتها في غاية الأهمية!
هذا من جهة، ومن جهة ثانية، شعرت بأن عبارة “التفوّق” تنسجم أكثر مع مسألة “الدراسة والتخطيط للمستقبل” !
وما هو الهدف الأسمى من الدراسة والتخطيط والتفوق؟
أؤمن بهذه المقولة، ولكن الحياة علمتني شيئاً مهماً آخر وهو “أنا أتعلم …لأنني أسأل”!
فقد قيل، بأن طرح الأسئلة ، هو من أهم السبل لتحفيز العقل وتنشيطه!
إذا لنأخذ بهذه الصيحة:
لماذا تعبير “التفوّق” ؟
وما الفرق بينه وبين التميّز ؟
وما العلاقة التي تجمع بين كلٍ من النجاح والتميّز والتفوّق؟
وقبل الإجابة، أعترف بأن هناك الكثير الكثير من مواقع التواصل الإجتماعي تعج وتضج بمثل هذه المواضيع (والشكر لكل من كتب حرفاً يبتغي من ورائه تعميم الفائدة ونشرها ) .!
ولكن لنتفق منذ البداية، لا نريد أن “نغوص” في بحر التكرار والإطالة! بل نريد بعض الأفكار التي يشعر فيها الطالب وكل شخص آخر يقرأ الموضوع بأنه هو من شارك في صياغته والتحضير له وبأنه يعبّر عما يجول في فكره!
وقفة تأمل:
عندما سقطت التفاحة، الجميع إعتبر بأن التفاحة… سقطت! وإكتفى بهذه الملاحظة!
ولكن هناك شخصٌ واحد نجح وتميز وتفوّق حين سأل : لماذا سقطت؟
إنه العالم الفيزيائي نيوتن.
نجح حين تأمل وتمعن وأطلق لفكره العنان!
تميّز حين شعر بالحماسة والحاجة للمعرفة والسؤال!
وتفوّق حين مشى وراء فكرته حتى أضحى من… العلماء العِظام!
حكمة :
ثقة بنفسك! كي تعطيها طاقة دافعة … نحو النجاح!
و إصبر! لأنها الطاقة الدافعة …نحو التميّز!
لا ترضى بما حققت، بل ثابر كي تعطي العالم أفضل ما لديك … وهذا هو التفوق!
لذلك، ستكون المعاني في هذه السلسلة متكاملة منسجمة، غايتها واحدة، فحين نقول النجاح فهو بالتأكيد السبيل للتميّز والتفوّق والإبداع والإبتكار والتجديد… وكل ما فيه خيرٌ كثير!.
إذا، لماذا سلسلة ” قوانين التفوّق” ؟
لأن “التفوّق” من المفردات التي تبعث السعادة في النفوس إذ ينشرح القلب وينتعش العقل عندما نسمع هذا الكلمة السحرية!
ولكن لحظة!
عن أي “تفوّق” نتكلم؟
هل هو التفوق بالمعنى التقليدي الذي تعوّد الأبناء سماعه؟
“التفوق الدراسي” بالنسبة لغالبية الأهل ينحصر في “الحصول على المركز الأول وفي الحصول على أعلى الدرجات النهائية”!
وبذلك، تبهت في ذهن الطالب بقية معاني التفوق!
ويبقى رهينة “لحظات” الدراسة مهما طالت سنوات الدرس!
المفهوم التقليدي بهذا المعنى هو “حب التفوّق” وليس التفوق!
ونحن نريد جيلاً متفوقاً، قادراً على صناعة التغيير وبناء المستقبل الأجمل والأفضل!
وهذا ما يستدعي العمل على تعديل مفهوم التفوق في ذهن الطلبة بصورة عملية حقيقية بحيث نشجعهم على بناء شخصية مستقيمة ومستقلة لهم، من خلال إكتشاف مواهبهم وقدراتهم ومهاراتهم وإمكانياتهم وممارستها على أرض الواقع،
وكذلك إظهار مواهبهم في المجالات المختلفة، والقيام بتشجيعهم على النجاح والتفوق في هذه المجالات بنفس درجة تشجيعنا لهم على التفوق الدراسي، بحيث يكون الإتساع في المفهوم ليس كلاماً نظرياً فقط، ولكن واقعاً يعيشونه فعلاً بحيث يصبحوا قادرين على إنتاج أفضل نسخة إنسانية عن أنفسهم!
التفوّق، متعدد الأوجه، وفي كل يوم ولحظة نسعى له ، منذ أن يبزغ الفجر وحتى آذان العشاء!
والى أن نلقى المولى عز وجل!
لذلك، على كل طالب أن يدرك أن “التفوق الدراسي” يعني أن يكون من الأوائل وليس الأول فحسب!
والسبيل الى ذلك هو تأصيل مفهوم الإجتهاد والسعي في ذهنه فضلاً عن إتقان العمل لأن الله تعالى أمر عباده المؤمنين بذلك.
ولا بد أيضاً من توضيح مفهوم حُسن التوكل على الله تبارك وتعالى وترسيخه في عقل الطالب وروحه وأنه مطالبٌ بالسعي والأخذ بالأسباب أما إدراك النتائج فعلى الله سبحانه وتعالى.
وأن التفوّق لا يعني أن يكون الأول لوحده فقط ، ولا يعني ألا ينجح الآخرون معه أيضاً فكلل الطلاب بشر يملكون نفس الرغبات في النجاح والتفوّق وإن كانوا يملكون قدرات مختلفة وأساليب للسعي مختلفة يجب أن تتسم كلها على اختلافها بحُسن التوكل والثقة في عدل الله سبحانه وتعالى وأن رب الخير لا يأتي إلا بالخير … للجميع دون إستثناء!
فلماذا لا نجتمع إذاً على حب الخير للغير كما نحب لأنفسنا؟
ونحن نريد جيلاً يعي معنى الخير، جيل متفوّق بكل المعايير والمقاييس من أجل بناء مستقبل أكثر عدلاً ورحمة!
والتفوّق في الإسلام له نكهة خاصة! لأن نجاح الإنسان غايته الأساس “الآخرة” والفوز بالجنة ونعيمها، ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أن “التفوق” غير مطلوب في الحياة الدنيا بالنسبة لكل مسلم مؤمن بالله تعالى وباليوم الآخر!
فالعبادة في الإسلام ليست قاصرة على مجرد الشعائر، كما يظن البعض أن المسلم متى قدَّم الشعائر لله تعالى وحده، فقد عبد الله وحده، ونسي أن الشعائر ما هي إلا مظهرٌ واحد مِن مظاهر الدينونة، فالعبادةُ تشمل كل جهد يُنفقه من يدينون لله تعالى وحده في عمارة الأرض، وترقيتها، وإرتقاء الحياة فيها، وإستغلال ثرواتها بصورة عادلة وصحيحة والإنتفاع بطاقاتها لا سيما الفكرية منها.
من هنا على كل طالب أن يدرك حق اليقين بأن “الدراسة والتفوق والنجاح والتميّز” ما هي إلا مهام عليه القيام بها للنهوض بتكاليف خلافة الإنسان في الأرض، فمِن سنّة الله تعالى الكونية إن من يستخلفهم الله سبحانه تعالى في الأرض هم مَن يجمعون بين الإيمان والعمل الصالح والإبداع في الأرض؛ لعمارتها، وحيثما اجتمع إيمانُ القلب ونشاطُ العمل في أمةٍ كانت هي “خير أمة” وكانت الوارثةُ للأرض في أي فترةٍ مِن فترات الزمن
بالنسبة للتفوق الدراسي نجد أن نظرية الذكاءات المتعددة تجزم انه ليس هناك إنسان غبي بل هناك ذكاءات متعددة للإنسان ذكاء حسي بصري منطقي و……الخ لذا التفوق الدراسي ليس مقياس فمثلا بل جيتس فاشل دراسيا وإديسون كتب له انه أغبي تلاميذ المدرسة و أقنعته أمه بالعكس كل إنسان يمكن أن يتفوق فيما يحب